في أحدث مؤشرٍ على تدهور العلاقات بين موسكو والغرب، علّقت روسيا ، الاثنين، عمل بعثتها لدى حلف شمال الأطلسي الناتو، كما أعلنت إغلاق مكتب الارتباط التابع للحلف، بعد سحب أوراق اعتماد 8 مندوبين روس لدى الحلف بتهمة “التجسس”.
وعلى الرغم من الضجة التي أثارها الإعلان على المستوى الإعلامي، إلّا أنه ووفقاً لخبراء، لم يقترن بأي تحركات عسكرية من قبل روسيا تهدد الأمن الأوروبي، كما لم تخاطب موسكو الحلف رسمياً بالقرار بحسب متحدث رسمي باسم “الناتو”.
وتوترت العلاقات بين موسكو والغرب منذ سنوات، لكن الدافع الفوري للخطوة الروسية كان واقعة “التجسس”، إذ لا تزال موسكو تقيم علاقات دبلوماسية مع حكومات التحالف بشكل فردي.
وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك حلف وارسو، تأسست العلاقات بين “الناتو” وروسيا في عام 1991، في إطار مجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية، وانضمت روسيا في عام 1994 إلى برنامج الشراكة من أجل السلام التابع للحلف.
انهيار جدار الثقة
ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، يأتي في وقت يسعى فيه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى “تعزيز التحالف مع أوروبا بعد أن قام سلفه دونالد ترمب بتشويه سمعة الأعضاء، ووصفهم بأنهم مستغلون للإنفاق العسكري الأميركي وهدد بالانسحاب من الحلف”.
وسينهي القرار الروسي تجربة ما بعد الحرب الباردة، المرتبطة ببناء الثقة بين روسيا والحلف الذي تأسس قبل عقود لاحتواء الاتحاد السوفيتي بعدما اتهمه المسؤولون في موسكو بـ “التعدي لاحقاً على الأراضي السوفيتية السابقة”.
وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الباردة، اعتبر البعض أن وجود “الناتو” لم يعد مبرراً، إذ خرجت دول عدّة من الكتلة الاشتراكية السابقة، وتوحّدت ألمانيا بشقيها الشرقي والغربي، ولكن رغم محاولات بناء الشراكة، عادت وظهرت خلافات جديدة مع روسيا الاتحادية.
وتتهم روسيا، “الناتو”، بنشاط استفزازي بالقرب من حدودها، إذ أجرت مؤخراً مناورات كبيرة.
“الناتو” يهدد روسيا
في عام 2014، علّق حلف الشمال الاطلسي جميع أشكال التعاون العملي مع روسيا، رداً على “أعمالها العدوانية” في أوكرانيا، وكان يشمل مشاريع في أفغانستان تتعلق بمكافحة الإرهاب والتعاون العلمي.
وقال الحلف في بيان: “لقد أوضحنا أننا نواصل السعي إلى علاقة بنّاءة مع روسيا، لكن تحسين علاقات الحلف مع روسيا سيتوقف على تغيير واضح وبنّاء في تصرفاتها. تغيير يُظهر الامتثال للقانون الدولي والالتزامات الدولية لروسيا”.
وأشار الحلف، آنذاك إلى أن “الناتو تحالف دفاعي، هدفه حماية الدول الأعضاء”، مشيراً إلى أنه “لا يسعى إلى المواجهة ولا يشكّل أي تهديد لروسيا”.
ولفت البيان إلى أن توسع الحلف “ليس موجهاً ضد روسيا، إذ أن لكل دولة ذات سيادة الحق في اختيار الترتيبات الأمنية الخاصة بها وهذا مبدأ أساسي للأمن الأوروبي، وهو مبدأ التزمت به روسيا أيضاً ويجب أن تحترمه”، مؤكداً أن ذلك ساهم في تعزيز الاستقرار والازدهار لأوروبا، بما في ذلك روسيا.
وتتعامل موسكو مع فكرة توسع “الناتو” في الفضاء الأوروبي بحذر شديد، وتعتبره بما في ذلك المناورات العسكرية التي يجريها، مشروعاً يهدف إلى تطويقها.
وفي المقابل، يقول الحلف إنه مصمم على تعزيز أمن الدول الأعضاء القريبة من روسيا، لا سيما في ضوء التدخلات العسكرية التي حدثت في جورجيا وأوكرانيا.