تحولت المملكة العربية السعودية إلى لاعب رئيس على مستوى العالم في قطاعات الطاقة والتعدين والصناعة والخدمات اللوجستية، منذ إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية عام 2019، وأسهمت هذه القطاعات من خلال نموها السريع في تنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل متنوعة، والمساهمة في تأمين مستقبل مستدام للأجيال القادمة. وقد وضعت المملكة من خلال 2030 خطة لتقليل الاعتماد على النفط. لتنطلق رحلة المملكة نحو المستقبل، لتصبح قوة صناعية رائدة، ومركزًا لوجستيًّا عالميًّا، بعدما وضع برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية خطة طموحة تعتمد على مكامن القوة التي تتمتع بها المملكة. وستسهم بشكل مباشر إلى نمو واستدامة الاستثمارات ورفعت مشاركتها في الناتج المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات وتمكين المملكة مصدرًا معتمدًا للمنتجات عالية الأداء.
واستثمر البرنامج الموقع الاستراتيجي الفريد للمملكة، حيث تربط بين ثلاث قارات، وتعدّ مركزًا تجاريًّا عالميًّا، تكتنز بالموارد الطبيعية، من التعدين والطاقة، وتمتلك كل المؤهلات التي تجعلها مركزًا صناعيًّا ورائدًا لوجستيًّا.
وتركز المملكة على الثروة المعدنية وعلى ضرورة تطوير المعادن والفلزات في المنطقة؛ لإيجاد مجتمعات أكثر قوة من خلال الجهود المتحدة التي تركز على وضع الحلول وتيسير الوصول إلى البيانات والتكنولوجيا، وجذب الاستثمار.
وتواصل المملكة تنمية سلاسل القيمة لديها في معادن الذهب والفوسفات والألمنيوم، وقامت بخطوات كبيرة لتطوير البيئة التنظيمية للسيارات الكهربائية، إذْ إنَّ مستقبل التعدين في المملكة واعد، حيث كشف المسح الجيولوجي عن كميات من المعادن تقدر بـ5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار)، الى ذلك قدمت وزارة الصناعة والثروة المعدنية قدمت خطة متكاملة لإعادة هيكلة قطاع الحديد إحدى مبادرات إستراتيجية التعدين في المملكة ليكون قويا وقادرًا على جذب استثمارات تقارب 35 مليار ريال، خاصة وأن رؤية المملكة وإستراتيجية التعدين ستعزز من الزيادة على طلب الحديد خلال الـ 10 سنوات القادمة، بنوعيه الإنشائي والمسطحات ليرفع الاستهلاك من 12 مليون طن إلى ما يزيد على 20 مليون طنًّا.
وتهدف الخطة الوطنية لهيكلة قطاع الحديد والصلب التي تتضمن 41 توصية لتمكين القطاع واستدامته، ورفع كفاءة التشغيل في المصانع، ودعم زيادة التوظيف للسعوديين بكفاءة عالية؛ لمواجهة التغيرات العالمية والمحلية التي تضمن استدامة القطاع والتأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية.
5,300 موقع قيمتها خمسة تريليونات ريال
وكشف تقرير صادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية أن الثروات المعدنية في المملكة تنتشر في أكثر من 5,300 موقع، وتقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات ريال، بما في ذلك عدد من المعادن الأكثر وفرة مثل: الذهب، والفضة، والنحاس، والزنك، والفوسفات، والبوكسايت، والحجر الجيري، ورمل السيليكا، والفلسبار، وصخور الزينة المستخدمة في واجهات المباني مثل: الجرانيت وغيرها من المعادن الأخرى، وأشار التقرير إلى أن المملكة تنتج العديد من المعادن والمنتجات المعدنية التي لها دور مهم في تطوير سلاسل القيمة للمعادن الفلزية، كالحديد، والألمنيوم، والنحاس، والزنك، والذهب، وكذلك منتجات المعادن اللافلزية، مثل: الأسمدة الفوسفاتية، والأسمنت، والزجاج، والسيراميك، إذ يبلغ إنتاج المملكة من البوكسايت حوالي 4.9 ملايين طن سنويًا، يتم معالجته لإنتاج حوالي مليون طن من الألمنيوم سنويًا، كما يتم إنتاج حوالي 409 آلاف أوقية من الذهب من عدد المناجم الموجودة في المملكة بمنطقة الدرع العربي الغنية بالمعادن النفيسة والمعادن الأساس.
وبين أن المملكة تنتج نحو 68 ألف طن سنويًا من مركزات النحاس والزنك، ونحو 24.6 مليون طن من خام الفوسفات سنويًا، حيث تتم معالجته لإنتاج نحو 5.26 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية سنويًا، وتعد المملكة من بين أكبر 5 منتجين للأسمدة الفوسفاتية، كما نجحت في تطوير عدد من الصناعات المعدنية الأخرى.
وأوضح التقرير أن التطلعات والأهداف الرئيسة التي وضعتها الإستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين والصناعات المعدنية تركز على الاستخدام الأمثل لهذه المعادن من خلال تطوير سلاسل القيمة الصناعية التي سيكون لها تأثير اقتصادي مهم خلال مراحل الصناعات الوسيطة والتحويلية لهذه المعادن وما ينتج عنها من فرص عمل، ونقل التنمية إلى مناطق المملكة المختلفة التي توجد فيها هذه الخامات المعدنية، مما سيكون له أثر إيجابي على تنمية المجتمعات المحلية في تلك المناطق، وتحقيق الاستدامة في قطاع التعدين وحماية البيئة.
وأفاد أن فرص النمو التي حددتها الإستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين ستسهم في توفير فرص استثمارية مهمة؛ نظراً لما تتمتع به المملكة من مزايا تنافسية تساعدها على تحقيق النجاح في قطاع التعدين، ومن أهمها: المزايا التنافسية، وتوافر الثروة المعدنية المدعومة بالطلب المحلي الكبير، مما يؤهل المملكة لتكون واحدة من أهم الدول المنتجة للمعادن في العالم بحلول عام 2030.
وأكد أن الإستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين تهدف إلى زيادة إنتاج الذهب، والنحاس، والمعادن الأساسية عشرة أضعاف مقارنة بالوضع الحالي، بالإضافة إلى التوسع في صناعة الأسمدة الفوسفاتية لجعل المملكة من بين أكبر ثلاث دول منتجة حول العالم، ومن بين الدول العشر الأولى عالميًا في إنتاج الألمنيوم والقدرة الإنتاجية للصناعات التحويلية المتعلقة، كما تهدف إلى مضاعفة إنتاج الحديد والزجاج من أجل تلبية النمو المتوقع في الطلب وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتوسع في سلاسل القيمة الجديدة مثل: العناصر الأرضية النادرة، والتنتالوم والنيوبيوم، التي تعد من العناصر المهمة للعديد من الصناعات المتقدمة مثل: صناعة الأجهزة الإلكترونية الحديثة، والهواتف الذكية والأقمار الصناعية.
وتسعى وزارة الصناعة والثروة المعدنية إلى تعظيم القيمة المحققة من قطاع التعدين وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث بدأت في تنفيذ عدد من المبادرات والبرامج لتحقيق هذه المستهدفات، من بينها: البرنامج العام للمسح الجيولوجي الذي سيغطي منطقة الدرع العربي الغنية بالمعادن في غرب المملكة، لهدف توفير المعلومات والخرائط الجيولوجية المفصلة والدقيقة، وإتاحة هذه المعلومات والخرائط للراغبين في الاطلاع عليها من خلال البوابة الإلكترونية لقاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية (NGD) على موقع هيئة المساحة الجيولوجية، التي تتيح الحصول على ما يعادل 80 عامًا من السجلات الوطنية للمعلومات الجيولوجية، حيث يتم تحويل هذه البيانات التاريخية الجيولوجية لصيغة رقمية، والتي سيتم تغذيتها بالمعلومات الحديثة التي سيتم الحصول عليها من خلال هذه البرامج والمشاريع.
ومن منطلق التزام المملكة بقطاع التعدين وضمان الاستثمارات النوعية فيه فقد تم إطلاق مبادرة تسريع أعمال الاستكشاف، وزيادة الإنفاق على أعمال الكشف والتنقيب التي تستهدف عشرات المكامن المعدنية في المملكة ذات المؤشرات الاقتصادية المشجعة، وحساب الموارد المعدنية لهذه المكامن، من خلال استخدام أفضل طرق الكشف والتنقيب، وتنفيذ أعمال الحفر الماسي (اللبي)، والمسوحات الجيوفيزيائية الأرضية والجوية، والمسوح الجيوكيميائية التفصيلية.